بورصة الشيبسي الإنتخابية
بقلم: ماهر حمود - جريدة البورصة - العدد العشرون
في تطور لأحداث لعبة إنتخابات مجلس الشعب وتحديد مرشحي الحزب الوطني، سئل أمين الحزب بالدرب الأحمر حول إستخدام صناديق "الشيبسي" في التصويت، قال إن الأمانة العامة لم تلزمنا بصناديق محددة للتصويت والمطلوب هو أن يكون هناك صندوق مخصص للتصويت دون تحديد نوعه أو شكله، وقد تم ذلك في حضور مندوبي الأمانة العامة.
هذه كانت إجابة السيد الأمين التي تحمل في مضمونها الكثير من الإشارات الرمزية التي تعبر عن عبثية تلك الإنتخابات الداخلية بالحزب كصورة مصغرة لما سيحدث من عبثية أكبر وإستخفاف بحقوق الشعب السياسية بصورة موسعة في العرض الإنتخابي النهائي الموشك خلال أسابيع.
بورصة عابثة من العرض والطلب للأصوات الإنتخابية وخدمات البلطجية تبعا لقدرة المرشح المالية والسياسية وكذلك تبعا لطبيعة الدائرة وسكانها سواء كانوا من الأحياء الراقية أو العشوائيات الكل له ثمن والكل مستعد لمجاراة اللعبة، والتسعيرة تتفاوت بين كارت شحن أو بضع مئات وربما أكثر كما تشير بعض الصحف.
وليس بالمال فقط تشترى الأنفس، بل إن التكنولوجيا والرفاهية لها مريدوها أيضا من بائعي الأصوات فقد شهدت كذلك حالات مقايضة كل صوت مقابل لاب توب أو ساعة فاخرة بالطبع فليس كل بائع لصوته جائع طامع في إطعام أولاده ففساد الذمم لايفرق بين طبقة أو منطقة أو مستوى للدخل الكل ملوثة يداه.
بل العجيب حقا ممن دفعوا ولم ينفعهم مالهم وسقطوا في قاع كرتونة الشيبسي أن يتأففوا ويحسوا بالظلم والقهر من أن رشوتهم لم تجلب لهم النجاح ربما لأن أحدهم دفع أكثر، بل قام أحدهم بإرسال رسالة محمول لأعضاء المجمع الإنتخابي بدائرة البساتين يقول فيها "حسبي الله ونعم الوكيل في اللي خد الفلوس وماإدنيش صوته" وقام الآخرون بجعل الأمناء يحلفون على المصحف لكسب أصواتهم. اللهم قوي إيمانهم!
صورة قاتمة وسوداء تنقلها تلك الممارسات من جانبي الحكومة والشعب ليس فقط فيما يخص الإنتخابات المقبلة، فلا توجد أي مفاجآت، لكن الصورة تزداد قتامة عندما يشارك المواطن في إظلامها بفساد ذمته مقابل كارت شحن، أي مستقبل تحمله السنوات القادمة إذا لمثل هذا البلد؟
لقد مللنا من جلد الذات عن طريق مقارنة أنفسنا "بالديمقراطيات الغربية" راسخة الممارسات الدستورية والإجرائية العادلة، فالمقارنة غير عادلة. حاول البعض جلدنا مرة أخرى بمقارنتنا بالأمم الناشئة ربما في جنوب شرق آسيا وأمريكا اللاتينية الأحدث منا في تاريخها مع الدستور ودولة المؤسسات، لكن أصواتا تعالت ودعت إلى التوقف عن جلد الذات. حرام!
مارأيهم لو قارنا أنفسنا بأنفسنا لكن بفارق 90 عاما إلى الوراء؟ألم تكن هنالك إنتخابات حقيقية؟ ألم يكن الفلاح المصري يملك الجرأة والحكمة والوطنية بما يكفي بأن يدفعه بأن يصوت ضد الباشا مالك أرضه الذي يستعبده من أجل إختيار من يمثل مصلحة أمته فوق كل إعتبارات فردية؟ أعتقد حينها لن يكون جلد الذات كافيا، لأننا فشلنا أن نتقدم حتى ولو للخلف.
بقلم: ماهر حمود - جريدة البورصة - العدد العشرون
في تطور لأحداث لعبة إنتخابات مجلس الشعب وتحديد مرشحي الحزب الوطني، سئل أمين الحزب بالدرب الأحمر حول إستخدام صناديق "الشيبسي" في التصويت، قال إن الأمانة العامة لم تلزمنا بصناديق محددة للتصويت والمطلوب هو أن يكون هناك صندوق مخصص للتصويت دون تحديد نوعه أو شكله، وقد تم ذلك في حضور مندوبي الأمانة العامة.
هذه كانت إجابة السيد الأمين التي تحمل في مضمونها الكثير من الإشارات الرمزية التي تعبر عن عبثية تلك الإنتخابات الداخلية بالحزب كصورة مصغرة لما سيحدث من عبثية أكبر وإستخفاف بحقوق الشعب السياسية بصورة موسعة في العرض الإنتخابي النهائي الموشك خلال أسابيع.
بورصة عابثة من العرض والطلب للأصوات الإنتخابية وخدمات البلطجية تبعا لقدرة المرشح المالية والسياسية وكذلك تبعا لطبيعة الدائرة وسكانها سواء كانوا من الأحياء الراقية أو العشوائيات الكل له ثمن والكل مستعد لمجاراة اللعبة، والتسعيرة تتفاوت بين كارت شحن أو بضع مئات وربما أكثر كما تشير بعض الصحف.
وليس بالمال فقط تشترى الأنفس، بل إن التكنولوجيا والرفاهية لها مريدوها أيضا من بائعي الأصوات فقد شهدت كذلك حالات مقايضة كل صوت مقابل لاب توب أو ساعة فاخرة بالطبع فليس كل بائع لصوته جائع طامع في إطعام أولاده ففساد الذمم لايفرق بين طبقة أو منطقة أو مستوى للدخل الكل ملوثة يداه.
بل العجيب حقا ممن دفعوا ولم ينفعهم مالهم وسقطوا في قاع كرتونة الشيبسي أن يتأففوا ويحسوا بالظلم والقهر من أن رشوتهم لم تجلب لهم النجاح ربما لأن أحدهم دفع أكثر، بل قام أحدهم بإرسال رسالة محمول لأعضاء المجمع الإنتخابي بدائرة البساتين يقول فيها "حسبي الله ونعم الوكيل في اللي خد الفلوس وماإدنيش صوته" وقام الآخرون بجعل الأمناء يحلفون على المصحف لكسب أصواتهم. اللهم قوي إيمانهم!
صورة قاتمة وسوداء تنقلها تلك الممارسات من جانبي الحكومة والشعب ليس فقط فيما يخص الإنتخابات المقبلة، فلا توجد أي مفاجآت، لكن الصورة تزداد قتامة عندما يشارك المواطن في إظلامها بفساد ذمته مقابل كارت شحن، أي مستقبل تحمله السنوات القادمة إذا لمثل هذا البلد؟
لقد مللنا من جلد الذات عن طريق مقارنة أنفسنا "بالديمقراطيات الغربية" راسخة الممارسات الدستورية والإجرائية العادلة، فالمقارنة غير عادلة. حاول البعض جلدنا مرة أخرى بمقارنتنا بالأمم الناشئة ربما في جنوب شرق آسيا وأمريكا اللاتينية الأحدث منا في تاريخها مع الدستور ودولة المؤسسات، لكن أصواتا تعالت ودعت إلى التوقف عن جلد الذات. حرام!
مارأيهم لو قارنا أنفسنا بأنفسنا لكن بفارق 90 عاما إلى الوراء؟ألم تكن هنالك إنتخابات حقيقية؟ ألم يكن الفلاح المصري يملك الجرأة والحكمة والوطنية بما يكفي بأن يدفعه بأن يصوت ضد الباشا مالك أرضه الذي يستعبده من أجل إختيار من يمثل مصلحة أمته فوق كل إعتبارات فردية؟ أعتقد حينها لن يكون جلد الذات كافيا، لأننا فشلنا أن نتقدم حتى ولو للخلف.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق